ويصل الأمر في كثير من الحالات التي تتطلب التواصل عبر الرسائل لا سيما النصية، إلى الإصابة بما يسمى "الرسائل الجافة".
ما هي "الرسائل الجافة"؟
يعبر المصطلح عن نمط من المراسلة، يتميز بالردود القصيرة، والمقتضبة، وقليلة الحماسة، وربما تصل إلى إظهار عدم الاهتمام أحيانا.
وفي غياب نبرة الصوت وتعبيرات الوجه، يترك الأمر للطرفين لتفسير الكلمات كل حسب مزاجه، أو حسب الموقف، والوقت.
اظهار أخبار متعلقة
وفي كثير من الأحيان يكون "جفاف المشاعر" في الرسائل مقصودا لإيصال رسالة مفادها أن الطرف الآخر لا يملك ذات الحماسة لإكمال المحادثة، أو يريد إنهاءها بأسرع وقت وأقل كلمات.
أمثلة على "الرسائل الجافة"
من أبرز الأمثلة على فقدان المحادثات حميمتها، الرد بكلمة واحدة مثل؛ "تمام"، "أوكي"، "ممم"، وقد تتحول الكلمة الواحدة إلى حرف واحد فتصبح "أوكي" حرفا واحدا "ك".
ومن أبرزها أيضا التأخر في الرد من دون اعتذار أو مبرر، لذلك، إلى جانب التوقف عن طرح الأسئلة المتبادلة ما يجعلها محادثة من طرف واحد.
كما أن الرموز التعبيرية أيضا تعتبر دليلا عن فقدان الحماسة خلال الحديث، ووسيلة لإيصال مشاعر باردة وأبرزها الإيموجي الشهير المبتسم 🙂 لكنه مزعج بنفس الوقت.
لماذا تجف رسائلنا؟
تفضيل التواصل المباشر
يفضل بعض الأشخاص الحوار المباشر أو الاتصال الشفوي على الرسائل النصية، ويجدون في التراسل النصي وسيلة مملة للتواصل.
الإرهاق الرقمي
يشعر البعض بالتعب أو الإرهاق بسبب إشعارات الرسائل الواردة، ويعمدون إلى الرد بسرعة حفاظًا على وقتهم واختصارا للكلام، وتكون ردودهم بسيطة لأنهم لا يريدون للمحادثة أن تطول.
اظهار أخبار متعلقة
التحكم والسيطرة
من ناحية نفسية، يقول خبراء إن الردود الجافة لدى البعض، هي طريقة للتحكم في التواصل، والسيطرة عليه، والردود القصيرة والمختصرة هي وسيلة للتحكم في المحادثة، وإنهاءها في الوقت الذي يرغب فيه.
تجنب المواجهة
يعمد البعض إلى اختصار المحادثة عبر الردود الباردة، أو الجافة، شكل من أشكال تجنب المواجهة مع الآخرين، وتعبير عن الاستياء دون اللجوء إلى الصراع مع الآخر، تكون أحيانا عبر الرد بكلمات قليلة، أو حتى ترك الرسالة دون رد، أو تعمد إظهار أن الرسالة شوهدت، وتم تجاهلها.
كيف تؤثر علينا الرسائل الجافة؟
التوتر والقلق
يؤدي الغموض الناتج عن الرسائل الجافة إلى زيادة القلق لدى المتلقي. فقد أظهرت دراسات عديدة أن المراسلة الهاتفية تسبب حالة من التوتّر النفسي المرتبط بالتراسل، خاصة عندما تنتظر الرد أو تشعر بأن المُرسل غير مهتم وربطته الجمعية النفسية الأمريكية ببعض حالات التوتر لدى شريحة كبيرة من الأمريكيين.
سوء الفهم
بسبب خلوها من نبرة الصوت، وتعبيرات الوجه، ولغة الجسد، تزيد الرسائل النصية من احتمال سوء الفهم، وتقول عالمة النفس جيرالدين بيوركوفسكي إن غياب الإشارات المذكورة آنفا في الرسائل يخلق غالبًا المزيد من النزاع وسوء الفهم.
وتقول دراسة أخرى أن 50% فقط من الناس يستطيعون تمييز مشاعر الطرف الآخر عن طريق "النصوص" فقط.
الشعور بالرفض
عندما تتكرر الرسائل الجافة، قد يشعر المتلقي بأن الطرف الآخر غير مهتم أو يبتعد عنه، ما يؤثر سلبًا على ثقته بنفسه. فقد لاحظ محللو العلاقات النفسية أن الأنماط المتكررة من التواصل الجاف والغامض تترك الطرف الآخر مشوشا.
كيف أروي الرسائل الجافة؟
لا يجب عليك دائما محاولة إصلاح الطرف الآخر، وتغيير أسلوبه، في بعض الأحيان عليك أن تتفهم الطرف المقابل، وأن تعرف أن المشكلة - إن وجدت - قد لا تكون فيك أنت.
وتختلف طرق التعامل مع الرسائل الجافة، فمن الفهم، إلى تغيير طريقة التواصل، وصولا إلى وضع حد للمشكلة.
الوجوه التعبيرية
يمكن أن يساعد استخدام الرموز التعبيرية أو الرسائل الصوتية على توضيح المطلوب، أو إضافة طابع غير رسمي على الحديث، ولتجنب سوء الفهم، عليك أن تكتب رسائل واضحة النية، سواء في سياق العمل، أو العلاقات الشخصية.
التفهم
عند مواجهة ردود جافة، يُنصح بعدم استنتاج قصور شخصي أو أنها إساءة، فطريقة معاملة الأشخاص لك تعكس حالتهم النفسية، وليس حالتك أنت، من الأفضل تفهم سبب الردود الجافة، أو الرسائل القصيرة، كالانشغال، أو تفضيل التواصل بطرق أخرى.
التواصل المباشر
إذا كان الطرف الآخر مهما في حياتك، حاول التحول إلى الاطمئنان بدلا من الابتعاد، واطرح أسئلة تشجع الطرف الآخر على التعبير عن نفسه، بدلا من إرسال رسائل غير مشجعة على الرد.
الانتقال إلى وسيلة أخرى
كثيرا ما تشرح الاتصالات المباشرة عبر الهاتف الأمور غير المفهومة، فإذا أحسست أن الطرف الآخر لا يحسب الحديث عبر الرسائل، حاول تحويل التواصل إلى أشكال أخرى فيها نبرة صوت، أو تعبيرات وجه.
وضع الحدود
إذا استمر النمط الجاف وأثر سلباً على المحادثة، فقد تحتاج إلى إعادة تقييم العلاقة في السياقات المهنية واقتصاد التواصل على أمور العمل بردود قصيرة وواضحة، أما في العلاقات الشخصية، فيمكن وضع مسافة مؤقتة إذا تسبب التواصل الجاف.