انتشار ظاهرة "تربية الدمى" في البرازيل.. قلق مجتمعي وتحرك برلماني

اليوتيوبر البرازيلية غابي ماتوس تحمل دمية ريبورن وهي تجلس بجانب مجموعتها من هذه الألعاب في كامبيناس في ولاية ساو باولو البرازيلية بتاريخ 22 أيار/مايو 2025
بلغت قيمة هذه السوق نحو 200 مليون دولار عام 2024 - أ ف ب
  • عربي لايت - أ ف ب
  • الخميس، 29-05-2025
  • 06:32 ص
تنتشر في البرازيل ظاهرة اقتناء لعبة تُعرف بدمية الريبورن (reborn doll) وهي مصنوعة يدويا من السيليكون أو الفينيل وتشبه إلى حدّ كبير الرضّع الحقيقيين بتفاصيل عدة كالأوردة والدموع واللّعاب، حتى أن بعضها يستطيع الرضاعة أو التبوّل، في حين يصل سعرها إلى آلاف الدولارات.

خلال السنوات الأخيرة، حظيت هذه الظاهرة التي نشأت في الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الفائت، بنجاح متزايد في البرازيل.

اظهار أخبار متعلقة



وعلى الصعيد العالمي، بلغت قيمة هذه السوق نحو 200 مليون دولار عام 2024، بحسب شركة "ماركت ريبورت أناليتيكس".

تبدّل غابي ماتوس (21 سنة) حفاضة "رافي" هامسة له بكلمات لطيفة.



وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول الشابة المقيمة في كامبيناس في ولاية ساو باولو جنوب شرقي البرازيل "لطالما أحببتُ الأطفال والدمى منذ صغري.

وعندما اكتشفتُ هذا النوع من الفن، وقعتُ في غرامه".أهداها والدها اول دمية ريبورن عندما كانت في التاسعة، وتحوز حاليا 22 منها.

تستمتع بتحميمها ووضعها في السرير والعناية بها عندما تكون "مريضة"، تماما كما يفعل الأطفال مع ألعابهم التقليدية.

وتظهر كل هذه التفاصيل في مقاطع فيديو تنشرها الشابة عبر يوتيوب، حيث يتابع قناتها 1,3 مليون مشترك.

كانت تعليقات مستخدمي الإنترنت إيجابية جدا في البداية، لكن خلال الأسابيع الأخيرة تحوّلت إلى سلبية وبدأ عدد من رواد موقع التواصل يهاجم ماتوس.

وتقول "قيل لي إنّه ينبغي إرسالي إلى مستشفى للأمراض النفسية. يظنّ الناس أننا نعامل الدمى كما لو أنها أطفالنا، لكن هذا غير صحيح".

سخط عبر منصات التواصل

في نيسان/ابريل، اكتسبت الظاهرة أبعادا غير متناسبة على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما انتشرت مقاطع فيديو لاجتماع يضم هواة جمع في إحدى حدائق ساو باولو.

في الفترة نفسه، حقق مقطع فيديو آخر نجاحا هائلا عبر انستغرام، ويظهر مشهد ولادة لدمية ريبورن، إذ كانت الأخيرة متصلة بحبل سري مع ما يُشبه الكيس الأمنيوسي.

ومُذّاك، أصبحت هذه الظاهرة التي لم تكن معروفة سابقا على نطاق واسع، قضية اجتماعية فعلية.

كَثُر الجدل عبر القنوات التلفزيونية والمنصات: هل هذه الظاهرة هواية غير ضارة أم سلوك مثير للقلق؟

وبأسلوب مازح، كتبت الممثلة الشهيرة لوانا بيوفاني، في منشور تمت مشاركته آلاف المرات عبر إنستغرام، "دعوا هؤلاء الأشخاص يربّون دمى الريبورن. إذا بدأوا بالتكاثر، فسيكون الوضع أسوأ بكثير".

شهادة ميلاد

بدأت آلانا جينيروسو تجمع الدمى منذ 22 عاما، قبل افتتاح متجر لها في كامبيناس.

وداخل محلّها المسمى "آلانا بايبيز ماتيرنيتي"، تعرض الدمى في حاضنات لحديثي الولادة.قبل تسليمها إلى الزبائن، تخرجها موظفات يرتدين معاطف بيضاء من الحاضنات، وتأخذ وزنها وتضعها في عربات للأطفال، قبل أن تطبع شهادة ميلاد خاصة بها.

اظهار أخبار متعلقة



تقول جينيروسو (46 سنة) "هنا، لا يشتري الزبون دمية عادية، بل يشتري أحلاما".

وتضيف "في متجرنا، نستقبل عددا كبيرا من الأطفال والبالغين الذين يعيشون حياة طبيعية. بعضهم يعتني بالدمى كأطفال حقيقيين، لكن هذا ليس حال غالبية الزبائن".

في برازيليا، وصلت المسألة إلى البرلمان، حيث تم تقديم مشاريع قوانين لتوفير دعم نفسي لـ"أهل" دمى ريبورن، أو فرض عقوبات على الذين يستخدمونها لتجنب الوقوف في طوابير من خلال تقديمها على أنّها أطفال حقيقية.

خلال الأسبوع الفائت، أحضر أحد النواب دمية إلى مجلس النواب، مشيرا إلى أنها "حفيدته".

في ريو دي جانيرو، وافق المجلس البلدي على إنشاء "يوم اللقلق لدمى الريبورن" تكريما للحرفيين الذين يصنعون هذه الدمى الشبيهة إلى حدّ كبير بالرضّع.

مواجهة الشعور بالوحدة

ترى عالمة النفس فيفيان كونيا أنّ هذه الظاهرة ترتبط بـ"البحث عن اتصال عاطفي" في مواجهة الشعور بالوحدة.

اظهار أخبار متعلقة




وتشير إلى أنّ تربية هذه الدمى ليست مشكلة بحد ذاتها، إلا إذا تسببت بـ"ضرر اجتماعي أو عاطفي أو اقتصادي".وتضيف "على سبيل المثال، إذا تغيّب شخص ما عن العمل قائلا إن دميته مصابة بالحمى، فيكون عندئذ بحاجة إلى مساعدة نفسية".

من جانبها، ترفض غابي ماتوس الانتقادات التي تنطوي على إيحاءات تمييزية على أساس الجنس.

وتقول "عندما نتحدث عن الهوايات الذكورية التقليدية، مثل اللعب بالكرة أو الطائرات الورقية، لا أحد يقول إن أعمار الرجال لا تتناسب مع هذه النشاطات. لكن عندما ترغب النساء في الاعتناء بالدمى، يُقال إنهنّ مريضات".
شارك
التعليقات